الحديث الأول :
عن أبي بن كعب t قال : سمعت رسول الله r يقول (( من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوه )). رواه البخاري في (( الأدب المفرد )) ([1]) ،وأحمد في المسند ([2])
وفي لفظ له (( كنا نؤمر إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ،ولا تكنوا )) .
قوله (( من تعزى )) أي : انتسب وانتمى ([3])
وقوله : (( بعزاء الجاهلية )) أي : الدعوى للقبائل بأن يقول : يا لتميم ، أو يا لعامرٍ ، وأشباه ذلك ([4])
وقوله : (( فأعضوه بهن أبيه )) العض : الإمساك علي الشيء بالأسنان ([5]) . و (( الهن )) ذكر الرجل .
والمعنى : قولو له : أغضض بأير أبيك ، ولا تكنوا عن الأير بلفظ الهن ، تنكيلاً وتأديباً لمن دعا دعوى الجاهلية ([6]) قال البغوي في (( شرح السنة )) ([7]) قوله (( بهن أبيه )) يعين ذكره . يريد يقول له : أغضض بأير أبيك ، يجاهره بمثل هذا اللفظ الشنيع رداً لما أتي به من الانتماء إلى قبيلته والافتخار بهم . اهـ
وقد فعل ذلك أبي بن كعب t راوي الحديث ، فإن سبب هذا الحديث أنه سمع رجلاً قال : يا لفلان ، فقال له أبي : اغضض بهن أبيك ، ولم يكن . فقال الرجل : يا أبا المنذر ، ما كنت فحاشاً ! فقال أبي : إني لا أستطيع إلا ذلك عملاً بقول النبي r (( من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا ))
وأمر بذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب t حيث قال : (( من اعتز بالقبائل فأعضوه أو فأمصوه )) رواه ابن أبي شيبة في (( المصنف )) ([8])
بل كتب عمر بن الخطاب t إلى أمراء الأجناد : (( إذا تداعت القبائل فاضربوهم بالسيف حتى يصيروا إلى دعوة الإسلام )) . رواه ابن أبي شيبة في (( المصنف )) ([9]) أيضاً .
ومعنى : (( يصيروا إلى دعوة الإسلام )) أي : عزاء الإسلام ، أي يقول : يا للمسلمين . وقد جاء أثر عمر t هذا عند أبي عبيد بلفظ : (( سيكون للعرب دعوى قبائل ، فإذا كان ذلك فالسيف السيف ، والتل القتل حتى يقولوا : ياللمسلمين )) ([10]).
وفي لفظ نحوه لابن أبي شيبة – أيضاً - ([11]) : (( يقولون يا أهل الإسلام ، يا أهل الإسلام ))
وذكر أبو عبيد في (( غريب الحديث )) ([12]) : أن رجلاً قال بالبصرة : يا لعامر ! فجاء النابغة الجعدي بعصبة له فأخذته شرط أبي موسي ، فضربه أبو موسى خمسين سوطاً بإجابته دعوى الجاهلية . ا هـ .
الحديث الثاني :
عن أبي هريرة t عن النبي r أنه قال : (( .. من قاتل تحت رايةٍ عميمة يدعو إلى عصبيةٍ أو يغضب لعصبية ، فقتل ، فقتلتة جاهلية )) ([13])
وفي لفظ : ((.. ومن قتل تحت رايةٍ عميمةٍ يغضب للعصبة ويقاتل للعصبة فليس من أمتي )) أخرجه مسلم في صحيحه )) ([14]) كتاب الإمارة
قوله : (( عُمية )) الدعوة العمياء ، فسرها الإمام أحمد - رحمه الله بقوله : الأمر العمى للعصبية لا يستبين ما وجهه .
والعصبة : بنو العم ، والعصبية أخذت من العصبة ([15])
وقال شيخ الإسلام – رحمه الله - : إضافة الأمر إلى الجاهلية يقتضي ذمه ، والنهي عنه ، وذلك يقتضي المنع من أمور الجاهلية مطلقاً . ا هـ ([16])
الحديث الثالث :
عن جندب بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله r : (( من قتل تحت راية عمية يدعوا عصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية )) أخرجه مسلم في (( صحيحه )) ([17])
كتاب الإمارة .
الحديث الرابع :
عن أبي عقبة – وكان مولى من أهل فارس – قال : شهدت مع رسول الله r أحدً فضربت رجلاً من المشركين فقلت خذها مني وأنا الغلام الفارسي .
فالتفت إلي رسول الله r فقال : (( فهلا قلت خذها مني وأنا الغلام الأنصاري )) أخرجه أبو داود في ((سننه )) ([18]) ، كتاب الأدب ، باب في العصبية .
قال شيخ الإسلام – رحمه الله – حضه رسول الله r على الانتساب إلى الأنصار وإن كان بالولاء ، وكان إظهار هذا أحب إليه من الانتساب إلى فارس بالصراحة ، وهي نسبة حق ليست محرمة .
ويشبه – والله أعلم – أن يكون من حكمة ذلك أن النفس تحامي عن الجهة التي تنتسب إليها فإذا كان ذلك لله كان خيراً للمرء . ا هـ ([19])
الحديث الخامس :
عن أبي ذر t: أنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام ، وكانت أمه أعجمية ، فعيرته بأمه ، فشكاني على النبي r فلقيت النبي r فقال : (( يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية )) . قلت يا رسول الله من سب الرجال سبوا أباه وأمه . قال : (( يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية ، هم إخوانك جعلهم الله تحت أيديكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم )) . أخرجه البخاري في (( صحيحه )) ([20]) ، وكتاب الإيمان المعاصي من أمر الجاهلية . وفي (( الأدب )) باب ما ينهى عن السباب واللعن . ومسلم في (( صحيحه )) ([21]) *كتاب الإيمان واللفظ له .
قيل أن الرجل المذكور هو بلال المؤذن مولى أبي بكر وتعييره له بأمه ، حيث قال له : يا ابن السوداء ([22])
قال الحافظ : يؤخذ منه المبالغة في ذم السب واللعن لما فيه من احتقار المسلم وقد جاء الشرع بالتسوية بين المسلمين في معظم الأحكام وأن التفاضل الحقيقي بينهم إنما هو بالتقوى ، فلا يفيد الشريف النسب نسبه إذا لم يكن من أهل التقوى كما قال تعالى : ) إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (. ا هـ ([23])
الحديث السادس :
عن أبي ذر tأن النبي r قال له : (( انظر فإنك ليس بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى )) .
أخرجه أحمد في (( المسند )) ([24]) .
قال المنذري في (( الترغيب والترهيب )) ([25]) : رواته ثقات مشهورون إلا أن بكر بن عبد الله المزني لم يسمع من أبي ذر . ا هـ .
الحديث السابع
عن أبي نضرة المنذر بن مالك بن قُطعة – قال : حدثني من سمع خطبة رسول الله r وسط أيام التشريق فقال : (( يا أيها الناس ، وإن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، ألا لا فضل لعربي علي أعجمي ولا لعجمي علي عربي ، ولا لأحمر علي اسود ، ولا أسود علي أحمر إلا بالتقوى ، أبلغت ؟ )) قالوا : يلغ رسول الله r . أخرجه الإمام أحمد في (( المسند )) ([26]) ، قال الهيثمي في (( المجمع )) ([27]) رجاله رجال الصحيح . ا هـ .
وقال شيخ الإسلام : إسناده صحيح ([28]) وقد رواه البيهقي في (( الشعب )) ([29]) عن أبي ندرة عن جابر بن عبد الله tلكن قال بعده البيهقي : وهذا في الإسناد بعض من يجهل . ا هـ .
فإذا كان الرب واحداً ، والأب للجميع واحداً ، لم يبقي لدعوى الفضل بغير تقوى الله عز وجل أي اعتبار .
وفي هذا الحديث : حصر الفضل في التقوى ، ونفيه عن غيرها . ([30])
أثر ابن عباس - رضي الله عنهما – قال : (( أرى أحداً يعمل بهذه الآية : ) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ( فيقول الرجل للرجل : أنا أكرم منك فليس أحد أكرم من أحد إلا بتقوى الله )) . أخرجه البخاري في الأدب المفرد )) ([31])
ومعنى الآية : أن الله تعالى خلق بني آدم من أصل واحد فكلهم يرجعون إلى آدم – عليه السلام – وحواء ، وقد جعلهم الله عز وجل (( شعوباً )) وهو النسب البعيد للقوم ، مثل عدنان سمي شعباً وشعوباً ، لأن القبائل تتشعب منه ،(( قبائل )) وهي النسب القريب ([32]) . قال ابن عباس : الشعوب القبائل العظام ، والقبائل البطون ([33]) .
ثم بين تعالي الحمة من ذلك وهي : أن يتعارف الناس حتى لا يعتزي أحد إلى غير آبائه ولا ينتسب إلى سوى أجداده ، وعلى ذلك تترتب أحكام الورثة فيحجب بعضهم بعضاً وأحكام الأولياء في النكاح فيقدم بعضهم على بعض ، وأحكام الوقف إذا خص الواقف بعض الأقارب أو بعض الطبقات دون بعض ،وأحكام العاقلة في الدية علي بعض العصبة دون بعض ، وما يجرى مجرى ذلك فلولا معرفة الأنساب لفات إدراك هذه الأمور وتعذر الوصول إليها . ا هـ . من (( نهاية الأرب في معرفة انساب العرب )) ([34])
فهذه بعض فوائد معرفة الأنساب ، وليس فيها أن التفاخر بها وتقويم القبائل علي ضوئها من التعارف الذي يحبه الله ، بل هو من العصبية التي يبغضها الله ، ولهذا جعل تعالى معيار الفضل في التقوى بعد أمره بالتعارف ،فالتعارف شيء ، والتفاخر شيء آخر ، والفرق بينهما أن الأول محبوب إلى الله والآخر ممقوت عنده .
وتأمل فقه الإمام البخاري – رحمه الله تعالي – في ذلك ، فإنه لما عقد كتاب المناقب في (( صحيحه )) )َاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً( (النساء: من الآية1)بدأه فقال :
باب قول الله تعالييَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ( (الحجرات: من الآية13)
وقوله: )َاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً( (النساء: من الآية1) وما ينهي عن دعوى الجاهلية . ا هـ .
قالا لحافظ في (( الفتح )) ([35]) : يشير غلي ما تضمنه هذه الآية من أن المناقب عند الله إنما هي بالتقوى بأن يعمل بطاعته ويكف عن معصيته .
ثم بدأ البخاري بذكر المناقب لقريش وغيرها من القبائل سائقاً الأدلة على أن فضل هذه القبائل في تزكية رسول الله r لها ومدحه r للصالح منها ، لا أن فضلها مكتسب بالشعارات أو معايير الجاهلية .
وهكذا تجد أهلا لعلم عامة يعقدون في مؤلفاتهم الكبار كتاباً للفضائل يشمل فضائل الأشخاص والقبائل والأمكنة والأزمنة ، كما هو صنيع أصحاب الأمهات الست : البخاري ، ومسلم ، وأبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة . وغيرهم كثير .
ومن العلماء من يؤلف في ذلك مؤلفات مستقلة وكل ذلك لا يمت بصلة غلي العصبية الجاهلية ولا متعلق فيه لأحد ممن ابتلوا بها بل هو من دين الإسلام كما سيأتي شرحه عن حديث (( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة )) ([36]) وتحت عنوان في باب الفضائل ([37])
الحديث الثامن :
عن الحارث الأشعري tأن النبي r قال : (( .. ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم )) .
قالوا : يا رسول الله ، وإن صام وإن صلى . قال (( وإن صام وإن صلى وزعم أنه مسلم ، فادعوا المسلمين بأسمائهم بما سماهم الله عز وجل المسلمين المؤمنين عباد الله عز وجل )) . أخرجه أحمد في (( المسند )) ([38])
وأخرج أبي شيبة في (( المصنف )) ([39]) عن أبي صالح أنه قال : (( من قال : يا آل فلان ، فإنما يدعوا إلي جثاء جهنم )).
وأخرج ابن أبي شيبة في (( المصنف )) ([40]) عن عبد الله ابن أبي يزيد الأنصاري قال : (( تسموا بأسمائكم التي سماكم الله بها : بالحنيفية ، والإسلام ، والإيمان )).
قلت سمانا الله عز وجل بالمسلمين في الكتب السابقة وفي القرآن العزيز ، قال الله عز وجل )وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ( (الحج:78)
قوله )هُوَ سَمَّاكُمُ( أي الله تعالي هو الذي سماكم بهذا الاسم ([41]) (مِنْ قَبْلُ ) أي في الكتب المتقدمة كالتوراة والإنجيل والزبور (وَفِي هَذَا )( أي : في القرآن الكريم قد سماكم أيضاً بالمسلمين .
الحديث التاسع :
عن أبي مالك الأشعري tأن النبي r قال (( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة )) أخرجه مسلم في (( صحيحه )) ([42]) ، كتاب الجنائز .
معنى الحديث أن هذه الأربع محرمة ، ومع حرمتها فإن أكثر هذه الأمة لا يتركونها مع علمهم بحرمتها وأنها من أفعال أهل الجاهلية ، وذلك وباء وخيم وحوب كبير .
قال المناوي في (( فيض القدير )) ([43]) (( الفخر في الأحساب )) أي : الشرف بالآباء والتعاظم بعد مناقبهم ومآثرهم وفضائلهم ، وذلك جهل ، فلا فخر إلا بالطاعة ، ولا عز لأحد إلا بالله والأحساب جمع حسب ، وهو ما يعده المرء من الخصال له ، أو لآبائه من نحو شجاعة وفصاحة .
(( الطعن في الأنساب )) أي الوقوع فيها بنحو ذم وعيب .
(( الاستسقاء بالنجوم )) اعتقاد أن نزول المطر بهذا النجم أو ذاك .
(( النياحة )9 : رفع الصوت بالندب علي الميت . ا هـ مختصراً .
وقد أخرج البخاري في (( صحيحه )) ([44]) عن ابن عباس رضي الله عنهما – قال : (( خلال من خلال الجاهلية : الطعن في الأنساب والنياحة )) ونسي الثالثة وقال سفيان : ويقولون أنها الاستسقاء بالأنواء .
الحديث العاشر :
عن أبي هريرة رض الله عنه قال : قال رسول الله r: (( اثنتان في الناس هما بهم كفر : الطعن في النسب والنياحة علي الميت )) أخرجه مسلم في (( صحيحه )) ([45]) كتاب الإيمان .
معناه كما قال القاضي عياض : أي من أعمال أهل الكفر وعادتهم وأخلاق الجاهلية ، وهما خصلتان مذمومتان محرمتان في الشرع . ا هـ . ([46])
الحديث الحادي عشر :
عن جابر بن عبد الله t قال : غزونا مع النبي r وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع انصارياً ، فغضب الأنصاري غضباً شديداً ، حتى تداعوا وقال الأنصاري : يا للأنصار وقال المهاجري : يا للمهاجرين . فخرج النبي r فقال : (( ما بال دعوى أهل الجاهلية ؟ )) ثم قال : (( شأنهم ؟ )) فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري فقال النبي r : (( دعوها فإنها خبيثة )) . أخرجه البخاري في (( صحيحه )) ([47]) كتاب المناقب ، باب من دعوى الجاهلية . ومسلم في (( صحيحه )) ([48]) كتاب البر والصلة . هذا أبلغ حديث في ذم العصبية الجاهلية إذ الانتساب عن دائرة التعبد والاعتزاز بالانتساب لدين الله تعالى ، ذم ومقت وأصبح جاهلية مرفوضة ، فكيف إذا كان الانتساب إلى ما قد يباح – كالانتساب غلي قبيلة – على وجه يشبه انتساب أهل الجاهلية ؟ لا ريب أنه أكثر ذماً وأشد مقتاً .
قوله (( رجل لعاب )) أي بطال وهو : جههاه بن قيس الغفاري .
قوله : (( فكسع )) أي ضربه علي دبره .
الحديث الثاني عشر :
عن عقبة بن عامر t أن رسول الله r قال : (( إن أنسابكم هذه ليست بسبابٍ علي أحدٍ وإنما أنتم ولد آدم طف الصاع لم تملئوه ، وليس لأحد فضل علي أحد إلا بالدين أو عمل صالحٍ )) . رواه أحمد في (( المسند )) ([49])
قوله : (( طف الصاع )) أي : قريب بعضكم من بعض .
الحديث الثالث عشر :
عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r : (( إن الله تعالي ذكره قد اذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالأباء ، ومؤمن تقي ، وفاجر شقي ، أنتم بنوا آدم ، وآدم من تراب ، ليدعن رجال فخرهم بأقوامٍ إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون علي الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن )) . أخرجه أبو داود في (( سننه )) ([50]) كتاب الأدب باب في التفاخر بالأحساب ، والترمذي في آخر (( سننه )) ([51])، وصححه شيخ الإسلام في (( الاقتضاء )) ([52])
قوله : (( عبية الجاهلية )) : نخوتها .
والعُبية : الكبر والفخر والنخوة ([53])
بن برجس