[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بكل تأكيد يمكن لطريقة تعاملك مع مريض عقليا أن تساهم في تغيره إما بشكل إيجابي أو بآخر سلبي، ذلك لأن ما نعتبره أفعالا مجنونة وغير مرغوب فيها ما هي إلا سلوكات يتعلمها المريض من أقربائه والمحيطين به وفقا لما يعرف بالتعلم عن طريق التدعيم.
قبل التحدث عن طريقة التعامل، لا بأس من توضيح آلية التعلم هاته التي ترجع أصولها إلى المدرسة السيكولوجية السلوكية الأكثر نجاحا في ميدان العلاج النفسي.
الإطار النظريخلاصة القاعدة السلوكية، هي أن جل أفعال الشخص، المريض والسوي، إنما هي سلوكات تعلمها في مراحل من عمره لما لقته من تدعيم من طرف الآباء والأصدقاء وكل من يتعامل معهم بأي شكل من الأشكال. والتدعيم هذا يعني إما الثواب أو العقاب الذي يعقب السلوك المتعلم.
بمعنى أن سلوكات تترسخ فينا أكثر من غيرها لأنها تلاقي تدعيما عقبها، بينما لا نقبل على سلوكات معينة لأننا نلاقي عقابا بعدها، على أساس عدم النظر إلى الثواب والعقاب في شكليهما الآلي والمبسط.
فمثلا قد يبدي المعلم تضايقه من شغب تلميذ ما وهو بذلك يعلمه دون قصد أن يزيد من شغبه حيث يكون التدعيم هنا هو الاعتراف للتلميذ بأنه قادر على لفت الانتباه والتأثير في الغير. وبنفس الآلية تتعلم حيوانات السيرك القيام بحركات معقدة لا تفهم منها شيئا سوى أنها تتلقى طعاما في فهما بمجرد الانتهاء منها!
التعلم بالتدعيم إذا ينطبق على كل ما من شأنه أن يقوم بسلوك ما، من السلوك الحيواني البسيط، إلى الإنساني المعقد سواء أتعلق الأمر بالميدان العلاجي أم السياسي الأمني، أم الاقتصادي الاستهلاكي…إلخ.
التعامل مع القريب المريضهنا يجب التحلي بالصبر والنظر إلى الهدف النهائي الأسمى (العلاج) وتجاوز النظرة العاطفية التي لن تجدي نفعا. لهذا تذكر، ما أن يقوم قريبك المريض بأمور غير مقبولة كالتعري أو التكلم بشكل غريب.. فخير تدعيم هو العقاب عن طريق التجاهل؛ ذلك لأنك لست أخصائيا نفسيا وبالتالي لن تعرف إن كان عقابك سيدركه المريض على أنه شيء يبحث عنه أم لا، والتجاهل يوقف التدعيم في كل الأحوال. لكن ما أن يقدم المريض على سلوك تريده أن يترسخ فيه، هنا يجب أن يبادر الأهل إلى تدعيمه عن طريق إعطائه ما يحب كالنقود أو الهدايا… طبعا هذه الطريقة تقتضي أولا الإقرار بعدم جدوى طرق التعامل التقليدية بما فيها العلاج بالأدوية، والعزم على تغيير الأمور. لهذا، مهما أزعجك المريض بسلوكاته غير السوية، فلا تعره أي اهتمام وتصرف وكأنه غير موجود أصلا، لكن ما إن يتوقف عن هذا الأمر لينصرف إلى شيء معقول، هنا فقط يجب التعامل معه بشكل جيد وإعطائه الاهتمام الذي يبحث عنه وربما أكثر.
التدعيمين المستمر والمتقطعتوصل علماء النفس السلوكيين إلى نتيجة مهمة في خطة إعادة التعلم مفادها أن التدعيم المتقطع وليس المستمر هو ما يؤدي إلى تغيرات علاجية مهمة. بمعنى أن التدعيم بالثواب لا يجب أن يعقب دائما كل سلوك جيد، وإنما يجب أن يكون ذلك في فترات متقطعة وغير مرتبطة بشكل تساعد المريض على التنبؤ بها. بمعنى أنه يمكنك تدعيم السلوكات الجيدة بشكل مكثف في بداية الخطة العلاجية، لكن يجب عليك أن تقدم هذه التدعيمات بشكل متقطع بتجاهلك من حين لآخر للسلوكات الجيدة، لأنك إن دعمتها كلها فستختفي بمجرد توقفك عن التدعيم عندما تسافر مثلا.
للاستيعاب أكثر، التدعيم المستمر هو ما يجعلك تكف عن إلقاء النقود بجهاز المشروبات مثلا بمجرد أن يتوقف تدعيمها لك والذي يكون عبارة عن خروج مشروب غازي، بينما يدمن الشخص على القمار ويضيع رزقه عليه إذا ما سبق له وربح مرات قليلة ومتقطعة لمبالغ ولو ضئيلة.
عزيز عبو