( الحيـــــــــــــــــــــــــــــــاة والمـــــــــــــــــــــــــوت )
في تلك البلاد البعيدة حيث تجري الأمور على ما يرام
في تلك البلاد البعيدة حيث ترقد النفوس بسلام
في تلك البلاد البعيدة حيث يعيش الإنس والجان
في تلك البلاد البعيدة حيث قد عم الاستقرار والأمان
إنها بلاد خلابة المنظر قبيحة المرتع , جذابة للنفوس مفرقة للقلوب, الكل يتمنى زيارتها والكل يخشى القرب منها
فهي بلاد الفرح والسعادة والحزن والتعاسة
إنها بلاد ذات حدين إما سرور وهناء وإما تعب وشقاء
قررت في يوم من الأيام القيام بزيارة لتلك البلاد
فهممت بجمع أغراضي وأخذت أحصي نقودي وأموالي
وقلت لنفسي لن يصيبني إلا ما كتب الله لي إن كانت سعادة حمدنا الله وإن كانت تعاسة وشقاء حمدنا الله وصبرنا على الحال
بعد أن انتهيت من جمع أغراضي قررت السفر والمسير نحو تلك البلاد
لم أفكر في اصطحاب رفيق أو صديق فسفري لتلك البلاد ليس للهو ولعب وإنما لجد وعمل
بدأت بالسير في الطريق نحو تلك البلاد البعيدة وكنت في كل مرة أسير اتجاهها أفكر في أمري
هل سأعيش هانئاً سعيداً ؟؟!
أم سأعيش بائساً حزيناً ؟؟!
سلكت طريقي وأنا موجِّهٌ نظري نحو تلك البلاد وفجأة وأنا في الطريق
تقلب الجو واشتدت الرياح وبرزت العاصفة وأيقنت الهلاك فقد رأيت الأشجار تقتلع من جذورها
والحيوانات تنتزع من مرعاها لقد رأيت دوامة شديدة من الرياح تحمل كل شيء
إنه إعصار مدمر فقد رأيت كل شيء يطير في السماء
واشتدت العاصفة وحملتني فتشهدت الشهادة وأغمضت عيني وقلت : هو المـــــوت
بعد فترة من الزمن سكنت العاصفة وهدأ الإعصار ولم أعرف أين وقعت وهل مت أم لا زلت حيا أشتم رائحة الحيـــــاة
ورحت في غيبوبة عميقة وبعد يوم أو يومين استيقظت من هذا السبات العميق
ورأيت نفسي في مزرعة أشبه بالغابة وأنا ممدد على سرير
. ( الحيـاة والمـــوت)
فأيقنت أن أحدهم وجدني وبالفعل خرج إلىّ رجلٌ وحمد الله على سلامتي
وحدثني بالقصة وكيف أنه وجدني مطروحاً على الأرض بعد العاصفة
شكرت الرجل على إنقاذه لحياتي وقرر هذا الرجل أن أبقى معه حتى أشفى من جروحي
وبالفعل جلست مع هذا الرجل وبقيت لديه
وفي يوم من الأيام وبعد أن شفيت من جروحي تقريباً بدأت أجول في هذه الغابة
فرأيت الرجل الذي أنقذني وهو يتابع الأشجار وينظر إليها ولا يعمل شيئا أو يقوم بشيء سوى النظر إليها !!
فقلت ربما كان يسلي نفسه بالنظر إليها فمن يمتلك جنة من الأشجار دائما ما تشغله عما يدور في الدنيا
ولكن الحال تكرر بصفة يومية وأكثر ما لفت نظري هو أنه بمجرد سقوط ورقة من إحدى الأشجار أو نمو إحدى الأوراق فإنه ينطلق على خيله ولا أدري إلى أين ؟؟
وأصبحت أراه ينطلق يوميا على خيله
ولم أعرف لأين يذهب
وبعد أن شفيت من جروحي تماما وقررت الرحيل
طلبت من الرجل أن يصدقني خبره وما هو عمله ولماذا لا يعمل بمزرعته ؟؟!
فقال الرجل : أنا الكل يعرفني فلا مفر لصغير أو كبير مني
أنا المــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوت
فاندهشت لأمره
فقال لي : لا تندهش فإن الأوراق التي تراها تتساقط هي نهاية عمر أحدهم قد قضى نحبه من الدنيا
والأوراق التي تراها تنمو فهي بداية لعمر أحدهم قد خرج لتوه إلى الدنيا وهذا هو عملي وهذا هو سر ركوبي للحصان
فقلت له ما الذي أتى بي إلى هنا فقال لي:
أنت بين الحياة والموت فاختر أيهما تشاء
إنك متوجه لتلك البلاد وفي تلك البلاد موتك وإذا عدت أدراجك فهناك حياتك فإما حياة أو موت
ر. ( الحيـاة والمـــوت)
هنا أخذت الكلمات تجول في فكري يا ترى !
ماذا أعددتُ لساعة الرحيل ؟؟
هل لدي الكثير من الحسنات ما يضمن لي منها سعادتي في آخرتي ؟؟
ماذا أعددت أنت يا عبد الله لساعة الرحيل ؟؟
ربما تموت وأنت تقرأ قصتي
وربما تموت وقد انتهيت من قراءة قصتي
ربما تموت بعد يوم وربما تموت بعد أسبوع
وربما تموت بعد دقائق وربما تموت بعد ثواني
يا ترى ماذا أعددنا لساعة الرحيل ؟؟!
يقول تعالى في محكم التنزيل { كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة إلا متاع الغرور }