أخي بوسيف عذراً لخروجنا عن صلب الموضوع
إن الخشيةَ لا تكون إلا من الله وحده دون سواه؛ لأنه سبحانه المدبِّر لأمور المخلوقات كلِّها، وهو الحيُّ الذي لا يموت، القيُّوم الذي تقوم به الخلائق كلُّها وتفتقر إليه، أما غيره فهو عاجز فانٍه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، قلبه بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبه كيف يشاء. القران يحدثنا عن خشية الله عز وجل : فقال عز وجل: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَلأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَـابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِـئَايَـاتِى ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَـافِرُونَ) [المائدة:44]
وصف الله الملائكة انهم: (يَخَـافُونَ رَبَّهُمْ مّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [النحل:50وعن الانبلاءقال: (الَّذِينَ يُبَلّغُونَ رِسَالات اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) [الأحزاب:39]، وهي أيضاً مما اتصف به عُمَّار مساجد الله الذين قال الله فيهم: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَـاجِدَ اللَّهِ مَنْ ءامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَوةَ وَءاتَى الزَّكَوةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة:18].
قال جل ذكره: (إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير).
قال تعالى (إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم)
قال تعالى(ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون)
وقال تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية*جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنها ذلك لمن خشي ربه) [البينة: 6
النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن خشية الله : عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، وَلاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ في سبيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ) رواه الترمذي، وقال: (حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ).
وعن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لَيْسَ شَيْءٌ أحَبَّ إِلى اللهِ تَعَالَى مِنْ قطْرَتَيْنِ وَأثَرَيْنِ: قَطَرَةُ دُمُوع مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَقَطَرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ في سَبيلِ اللهِ. وَأَمَّا الأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ في سَبيلِ اللهِ تَعَالَى، وَأَثَرٌ في فَريضةٍ مِنْ فَرائِضِ الله تَعَالَى) رواه الترمذي، وقال: (حديثٌ حسنٌ). روى الترمذي وابن ماجه وحسنه النووي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال: ((كيف تجدك؟)) قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو, وأمنه مما يخاف))
وروى البيهقي بسنده عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: "كنا جلوسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فهاجت الريح, فوقع ما كان فيها من ورق نخِر, وبقي ما كان من ورق أخضر, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مثل هذه الشجرة؟)) فقال القوم: الله ورسوله أعلم, فقال: ((مثل المؤمن إذا اقشعر من خشية الله عز وجل وقعت عنه ذنوبه وبقيت له حسناته)) آثار الخشية من الله عز وجل