مقتطفات من شعر الحكمة
فدَّعِ الصِّبا فلقدْ
عداكَ زمانُهُ ** وازهَـدْ فعُمـرُكَ مـرَّ منـهُ
الأطيَـبُ
ذهبَ الشبابُ فما له منْ
عودةٍ ** وأتَى المشيبُ فأيـنَ منـهُ المَهـربُ
دَعْ عنكَ ما قد كانَ في
زمنِ الصِّبا ** واذكُر ذنوبَكَ وابِكها يـا
مُذنـبُ
واذكرْ مناقشةَ الحسابِ
فإنه ** لا بَـدَّ يُحصـي مـا جنيـتَ ويَكتُـبُ
لم ينسَـهُ الملَكـانِ
حيـنَ نسيتَـهُ ** بـل أثبتـاهُ وأنـتَ لاهٍ تلعـبُ
والرُّوحُ فيكَ وديعـةٌ
أودعتَهـا ** ستَردُّهـا بالرغـمِ منـكَ وتُسلَـبُ
وغرورُ دنيـاكَ التـي
تسعـى لهـا ** دارٌ حقيقتُهـا متـاعٌ يذهـبُ
والليلُ فاعلـمْ والنهـارُ
كلاهمـا ** أنفاسُنـا فيهـا تُعـدُّ وتُحسـبُ
وجميعُ مـا خلَّفتَـهُ
وجمعتَـهُ ** حقـاً يَقينـاً بعـدَ موتِـكَ يُنهـبُ
تَبَّـاً لـدارٍ لا يـدومُ
نعيمُهـا ** ومَشيدُهـا عمّـا قليـلٍ يَـخـربُ
فاسمعْ هُديـتَ نصيحـةً
أولاكَهـا ** بَـرٌّ نَصـوحٌ للأنـامِ مُجـرِّبُ
صَحِبَ الزَّمانَ وأهلَه
مُستبصراً ** ورأى الأمورَ بمـا تـؤوبُ وتَعقُـبُ
لا تأمَنِ الدَّهـرَ
الخَـؤُونَ فإنـهُ ** مـا زالَ قِدْمـاً للرِّجـالِ
يُـؤدِّبُ
وعواقِبُ الأيامِ في
غَصَّاتِهـا ** مَضَـضٌ يُـذَلُّ لـهُ الأعـزُّ
الأنْجَـبْ
فعليكَ تقوى اللهِ
فالزمْهـا تفـزْ ** إنّّ التَّقـيَّ هـوَ البَهـيُّ
الأهيَـبُ
واعملْ بطاعتِهِ تنلْ
منـهُ الرِّضـا ** إن المطيـعَ لـهُ لديـهِ مُقـرَّبُ
واقنعْ ففي بعضِ القناعةِ
راحةٌ ** واليأسُ ممّا فـاتَ فهـوَ المَطْلـبُ
فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ
مذلَّةٍ ** فلقـدْ كُسـيَ ثـوبَ المَذلَّـةِ
أشعـبُ
وابـدأْ عَـدوَّكَ
بالتحيّـةِ ولتَكُـنْ ** منـهُ زمانَـكَ خائفـاً
تتـرقَّـبُ
واحـذرهُ إن لاقيتَـهُ
مُتَبَسِّمـاً ** فالليـثُ يبـدو نابُـهُ إذْ
يغْـضَـبُ
إنَّ العدوُّ وإنْ تقادَمَ
عهـدُهُ ** فالحقـدُ بـاقٍ فـي الصُّـدورِ
مُغيَّـبُ
وإذا الصَّديـقٌ لقيتَـهُ
مُتملِّقـاً ** فهـوَ العـدوُّ وحـقُّـهُ
يُتجـنَّـبُ
لا خيرَ فـي ودِّ امـريءٍ
مُتملِّـقٍ ** حُلـوِ اللسـانِ وقلبـهُ يتلهَّـبُ
يلقاكَ يحلفُ أنـه بـكَ
واثـقٌ ** وإذا تـوارَى عنـكَ فهـوَ العقـرَبُ
يُعطيكَ من طَرَفِ
اللِّسانِ حلاوةً ** ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ
وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ
بجفوةٍ ** فالصفحُ عنهـمْ بالتَّجـاوزِ أصـوَبُ
واخترْ قرينَكَ واصطنعهُ
تفاخراً ** إنَّ القريـنَ إلـى المُقـارنِ يُنسـبُ
إنَّ الغنيَ من الرجالِ
مُكـرَّمٌ ** وتـراهُ يُرجـى مـا لديـهِ ويُرهـبُ
ويُبَشُّ بالتَّرحيـبِ
عنـدَ قدومِـهِ ** ويُقـامُ عنـدَ سلامـهِ
ويُقـرَّبُ
والفقرُ شينٌ للرِّجالِ
فإنـه ** حقـاً يهـونُ بـه الشَّريـفُ الأنسـبُ
واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ
كُلِّهـمْ ** بتذلُّـلٍ واسمـحْ لهـمْ إن أذنبـوا
ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ
لكَ صاحباً ** إنَّ الكذوبَ يشيـنُ حُـراً يَصحـبُ
وزنِ الكلامَ إذا نطقـتَ
ولا تكـنْ ** ثرثـارةً فـي كـلِّ نـادٍ تخطُـبُ
واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من
لفظِهِ ** فالمرءُ يَسلَـمُ باللسـانِ ويُعطَـبُ
والسِّرُّ فاكتمهُ ولا
تنطُـقْ بـهِ ** إنَّ الزجاجـةَ كسرُهـا لا يُشعَـبُ
وكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ
لـمْ يُطـوهِ ** نشرتْـهُ ألسنـةٌ تزيـدُ وتكـذِبُ
لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ
بزائدٍ ** في الرِّزقِ بل يشقى الحريصُ ويتعبُ
ويظلُّ ملهوفـاً يـرومُ
تحيّـلاً ** والـرِّزقُ ليـسَ بحيلـةٍ يُستجلَـبُ
كم عاجزٍ في الناسِ يأتي
رزقُـهُ ** رغَـداً ويُحـرَمُ كَيِّـسٌ ويُخيَّـبُ
وارعَ الأمانةَ ،
والخيانةَ فاجتنبْ ** واعدِلْ ولا تظلمْ يَطبْ لـكَ
مكسَـبُ
وإذا أصابكَ نكبةٌ فاصبـرْ
لهـا ** مـن ذا رأيـتَ مسلَّمـاً لا يُنْكـبُ
وإذا رُميتَ من الزمانِ
بريبـةٍ ** أو نالـكَ الأمـرُ الأشـقُّ الأصعـبُ
فاضرعْ لربّك إنه أدنى
لمنْ ** يدعـوهُ مـن حبـلِ الوريـدِ وأقـربُ
كُنْ ما استطعتَ عن
الأنامِ بمعزِلٍ ** إنَّ الكثيرَ من الـوَرَى لا
يُصحـبُ
واحذرْ مُصاحبةَ اللئيم
فإنّهُ ** يُعدي كمـا يُعـدي الصحيـحَ الأجـربُ
واحذرْ من المظلومِ سَهماً
صائباً ** واعلـمْ بـأنَّ دعـاءَهُ لا يُحجَـبُ
وإذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ
ببلـدةٍ ** وخشيـتَ فيهـا أن يضيـقَ المذهـبُ
فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ
الفَضَا ** طولاً وعَرضاً شرقُهـا والمغـرِبُ
فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ
نصيحتي ** فالنُّصحُ أغلى مـا يُبـاعُ ويُوهَـبُ