الأحد 12 جمادى الأولى 1431
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
احواني اعضاء المجلس الاعزاء
لقد خطر في بالي ان اكتب
عن شيئ عظيم خطره على الانسان لاسيما المسلم المؤمن ونحن هنا في هذا المجلس المبارك
ننصح بعضنا ونشد من ازر اخواننا ونرجوا من ذالك مغفرة ربنا الكريم
أيها الإخوة: جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر)) قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس)).
ففي هذا الحديث بيّن النبي صلى الله عليه وسلـم أن الكبر بطرُ الحق، وهو دفع الحق ورده، أي عدم قبول الحق. وغمط الناس أي احتقارهم وإذلالهم.
فالمتكبر يريد أن يعلو على الحق وعلى الله تعالى برد الشرع والدين، ورد آيات الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. والمتكبر أيضاً يعلو على الناس ويسخر منهم ويحتقرهم ويزدريهم.
أيها الإخوة: إن الكبر برد الحق هو تمرد على العبودية وخروج عن الطاعة لله عز وجل قال تعالى: إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين أي صاغرين.
وقال تعالى: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين . فالجنة والفوز بها هي لمن لا يريد علواً في الأرض ولا تكبراً.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: من الذين يريد العلو على الناس والفساد في الأرض؟
الملوك والرؤساء المفسدون، كفرعون وحزبه، وهؤلاء هم شرار الخلق، والذين يريدون الفساد فقط بلا علو هم السراق والمجرمون من سفلة الناس. وأما أهل الجنة فهم الذين لا يريدون علواً ولا فساداً. جعلنا الله منهم.
أيها الإخوة: إن الكبر منازعة لصفة من صفات الله عز وجل كما جاء في الحديث فهو سبحانه الجبار المتكبر، إن الله تعالى يقول: ((إن العز إزاري والكبرياء ردائي، فمن نازعني فيهما عذبتهُ)).
وهذه المنازعة قد تسبب العقوبة في الدنيا قبل الآخرة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((بينما رجل يجرُ إزاره من الخيلاء خُسف به فهو يتجلجلُ في الأرض إلى يوم القيامة)) أي هو يغوص فيها والعياذ بالله، والجزاء من جنس العمل .. وكذلك يوم القيامة سيكون جزاء المتكبرين بأن يحشروا ((أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يُساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يُسقون من عصارة أهل النار: طينة الخبال)) هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما .. فهذا جزاء التكبر .. الذل والصغار والإهانة والاحتقار يوم القيامة والعياذ بالله.
أيها الإخوة: إن التكبر قد يؤدي إلى الحسد والحقد والعياذ بالله كما قال تعالى عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين تكبروا على دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهم إلى الإسلام ولم يستجيبوا للحق .. ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
فهؤلاء الكفار أصبح مما يسوؤهم أن تنزل علينا الخيرات على المسلمين، حسداً وحقـداً وتكبراً.
وأيضاً قـد يؤدي الكبر إلى حسد الأقران بعضهم لبعض وخاصة من أهل العلم والدعاة .. فقد يرى أحدهم أنه أوتي بياناً وفصاحة فهو خطيب مفوه أو أوتي قلماً سيالاً فيقول في نفسه: مالي لا أُتبع، بينما فلان وفلان لهم طلاب وأتباع وكلمتهم مسموعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، فيتحين الفرص للإيقاع بهؤلاء ويفرح بما يصيبهم من أذى ويُعلن أن ما أصابهم ما كان إلا بسبب أنهم ابتعدوا عما يراه ويظنه حقاً والعياذ بالله.
وهذه أيضاً صفة أهل البدع الذين يبتدعون في الدين ليعارضوا به ما ثبت في القرآن والسنة فيشتهروا بين الناس بما يحدثوه في الدين.
وهذه أيضاً صفة أهل السلطة الذين يقدمون السياسة التي يرونها على حكم الشرع إذا ما وجدوا أن في الشرع انتقاصاً لمراكـزهم أو مساً لعروشهم، كل هذه الأمور المخالفة منبتها الكبر والعلو في الأرض، وإن من الكبر إعجاب المرء بنفسه، فقد يصاب الإنسان العابد الزاهد بالإعجاب يرى أنه بلغ المنى وعمل ما لم يعمل غيره فيكون قد وقع في ذنب عظيم من أعظم الذنوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو لم تكونوا تذنبون لخفت عليكم ما هو أكبر من ذلك: العجب)).
فالمذنب يشعر بالتقصير والندم، وأما المعُجب بنفسه فقد وقع في الخطر المفضي إلى الخسران والعياذ بالله.
اللهم طهر قلوبنا من الكبر والحسد
الله من وراء القصد
بقلمي في مكان اخر