الصحراء مشرف عام
بلادي : ليبيا الجنس : عدد المساهمات : 114 نقاط : 5646 السٌّمعَة : 2
| موضوع: اتباع الجنازة (حقوق الجار) الأربعاء 31 مارس 2010, 10:52 | |
| [size=12]ملخص الخطبة 1- الحق السابع : اتباع الجنازة. 2- حكم تشييع الجنائز وغسلها. 3- فضل تشييع الجنائز. 4- آداب المشي مع الجنازة. 5- مكروهات الجنائز. الخطبة الأولى أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله،واستعدوا رحمكم الله للقاء الله مصداقاً لقوله تعالى: يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه.
أيها الأخوة والأخوات في الإسلام: مازلنا مع حقوق الجار المأخوذة من الأثر الوارد عن رسول الله ، واليوم مع الحق السابع الذي يقول: ((وإذا مات اتبعت جنازته)) أي تشيعها حتى تدفن. وهذا الحق هو من أعظم الحقوق الواجبة عليك لأخيك الجار بصفة خاصة، ولا سيما إذا كان مسلماً، فهذا الحق كما عرفت هو من حقوق المسلم على أخيه المسلم.
فما هي أحكام تشييع الجنازة في الإسلام؟ وكيف تكون؟ وما هي الأمور التي تكره مع الجنازة؟
أيها المسلمون: إن حمل الجنازة واتباعها كدفنها والصلاة عليها وغسلها، كل هذه من الفروض الكفائية التي إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين،وإن تركت فإن الإثم على الجميع. لقوله البراء بن عازب قال: (أمرنا رسول الله باتباع الجنازة وعيادة المريض وتشميت العاطس وإجابة الداعي ونصر المظلوم) رواه الجماعة.
واتباع الجنازة يتطلب من المتبع لها ثلاثة أشياء:
1) أن يصلي عليها قال زيد بن ثابت: (إذا صليت فقد قضيت الذي عليك).
2) أن يتبعها إلى القبر ثم يقف حتى تدفن.
3) أن يقف بعد الدفن فيستغفر للميت ويسأل الله له التثبيت عند السؤال ويدعو له بالرحمة والمغفرة.
كما روي عن رسول الله أنه كان إذا دفن ميتاً وقف وقال: ((استغفروا له،واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل)) رواه أبو داود والبزار وقال الحاكم: صحيح الإسناد. كما ورد في فضل تشييع الجنازة أحاديث كثيرة نذكر منها الحديث المروي في الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال: ((من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط، وإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط مثل أحد)). وفي رواية لهما: ((القيراطان مثل الجبلين العظيمين)). قال عبد الله بن عمر: لقد فرطنا في قراريط كثيرة.
ومن السنة في تشييع الجنازة الإسراع بها إسراعاً أقل من الجري حتى لا يضطرب الميت لحديث البخاري ومسلم واللفظ للبخاري: ((أسرعوا بالجنازة فإن تكن صالحة فخير تقدمونها، وإن تكن سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم)).
كما يسن في حق المتبع للجنازة أن يكون خاشعاً متفكراً في مصيره متعظاً بالموت وبما يصير إليه الميت ولا يتحدث في أحاديث الدنيا ولا يضحك. ورأى بعض السلف الصالح رجلاً يضحك في جنازة فقال: أتضحك وأنت تتبع الجنازة؟ لا كلمتك أبداً.
كما يسن عند الإمام مالك والشافعي رحمهم الله تعالى المشي أمام الجنازة إذا كانوا ماشين أما إذا كانوا راكبين فإنهم يسيرون خلفها لما رواه الخمسة عن ابن عمر أنه رأى النبي وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة لأن المشيع شفيع للميت، والشفيع يتقدم مع المشفوع له. والصحيح أن الأمر واسع هنا لما رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الحاكم وابن حبان عن المغيرة بن شعبة عن النبي أنه قال: ((الراكب خلف الجنازة والماشي أمامها قريباً منها عن يمينا وعن يسارها)). وأما القيام للجنازة إذا مرت فمنسوخ وهو قول الأئمة الأربعة بدليل قول علي : ((كان رسول الله أمرنا بالقيام في الجنازة ثم جلس بعدئذ وأمرنا بالجلوس)) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
عباد الله: أما المكروهات التي كرهها الشرع الحكيم في اتباع الجنازة فكثيرة أيضاً نذكر منها ما يلي:
اتباعها بنار أو صوت لما أخرجه أحمد عن أبي هريرة أنه قال: ((لا تتبع الجنازة بنار ولا صوت)) ولما أخرجه الطبراني في الكبير عن زيد بن أرقم أن رسول الله قال: ((إن الله عز وجل يحب الصمت عند ثلاث: عند تلاوة القرآن، وعند الزحف، وعند الجنازة)) ولهذا أفتى العلماء القدامى والمحدثون بأن السنة في السير مع الجنازة ألا يكون معها صوت ولا نار ولا رايات ولا طبل ولا موسيقى ولا مجامر ولا رفع صوت بذكر و لا قرآن، وإن الصواب ما كان عليه السلف من السكون والسكوت حال السير معها لأنه أسكن للخاطر وأبقى للفكر فيها، وفقد أفتى محمد عبده رحمه الله أنه يكره للماشي مع الجنازة رفع الصوت بالذكر فإن أراد أن يذكر الله فليذكره في نفسه،وهذا أمر محدث لم يكن في عهد رسول الله ولا أصحابه ولا التابعين ولا تابعيهم.
ومن الأمور المكروهة في الجنازة الجلوس للمشيع قبل دفنها لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه وأبو داود والبيهقي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: ((إذا اتبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع)) ويكره تحريماً أيضاً تغيير اللباس حزناً على الميت لما أخرجه ابن ماجه عن عمران بن حصين وأبي برزة الأسلمي قال: خرجنا مع النبي في جنازة فرأى قوماً قد طرحوا أرديتهم يمشون في قمص فقال : ((بفعل الجاهلية تأخذون؟ أو بصنع الجاهلية تتشبهون؟ لقد هممت أن أدعو عليكم دعوة ترجعون في غير صوركم، فأخذوا أرديتهم ولم يعودوا لذلك)).
ويكره عند الإمام مالك رحمه الله أيضاً صلاة فاضل على بدعي لم يكفر ببدعته وعلى مظهر كبيرة كشرب الخمر أمام الناس بلا مبالاة، ويكره عنده أيضاً تكبير نعش لميت صغير لما فيه من المباهاة وفرش نعش بحرير أو خز.
نفعني الله وإياكم بالقرآن المبين وبحديث سيد الأولين والآخرين وأجارني وإياكم من النار وغفر لي ولكم.
[size=12]الخطبة الثانية
أما بعد:
ومن المكروهات المحرمة التي نشاهدها مع الجنائز خروج النساء في حالة مزرية من إظهار شعورهن وصدورهن إلى جانب الصياح والعويل والبكاء بدعوى الحزن والجزع عن الميت،فلا يجوز لهن اتباع الجنائز لما يقع منهن من الصياح والنياحة ولطم الخدود وإزعاج الميت وتألم الحي، وقد وردت عدة أحاديث فيها مقال ولكن إذا جمعت إلى بعضها فإنها ترتفع إلى درجة الحديث الحسن كما هو مقرر عند المحدثين، من ذلك ما أخرجه الطبراني في الكبير أن النبي كان يصلي على جنازة فجاءت امرأة بمجمر تريد الجنازة فصاح بها حتى دخلت في آجام المدينة. وعن محمد بن الحنفية عن علي قال:خرج النبي فإذا نسوة جلوس فقال: ((ما يجلسكن؟ قلن: ننتظر الجنازة قال: هل تغسلن؟ قلن:لا قال: هل تحملن؟ قلن: لا. قال: هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن: لا. قال: ارجعن مأزورات غير مأجورات)) أخرجه ابن ماجة والحاكم. ويؤيده المعنى الذي أشارت إليه أمنا عائشة رضي الله عنها بقولها: (لو إن النبي رأى من النساء ما رأينا لمنعهن المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها) أخرجه الشيخان وأحمد وأبو داود والبيهقي. هذا في زمن عائشة رضي الله عنها فما ظنك بنساء زماننا، وقال ابن الحاج المالكي وهو من علماء القرن السابع:واعلم أن الخلاف المذكور بين العلماء إنما هو في نساء ذلك الزمان – يعني زمن السلف الصالح. وأما خروجهن في هذا الزمن فمعاذ الله أن يقول أحد من العلماء ممن له مروءة أو غيرة في الدين بجواز ذلك. فهذا ابن الحاج يقبح ما كان عليه نساء زمانه، نساء القرن السابع، فما بالك بنساء القرن الخامس عشر الكاسيات العاريات المائلات المميلات يخرجن نائحات هائمات لاطمات كاشفات الصدور والسيقان ناشرات الشعور صابغات الأيدي والوجوه نعوذ بالله من ذلك وأختم أيها المسلمون بكلمة لأحد علماء الإسلام وهو الإمام ابن قدامة صاحب المغني يقول رحمه الله: فإن كان مع الجنازة منكر يراه أو يسمعه فإن قدر على إنكاره وإزالته أزاله، وإن لم يقدر على إزالته ففيه وجهان: أحدهما: ينكره ويتبعها فيسقط فرضه بالإنكار ولا يترك حقاً لباطل والثاني يرجع لأنه يؤدي إلى استماع محظور ورؤيته مع قدرته على ترك ذلك. وحسبي وحسبكم أيها المؤمنون ما قاله الفضل بن عياض رحمه الله تعالى: الزم طريق الهدى ولا يغرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين فاتقوا الله…
عباد الله: وسارعوا إلى الخيرات والأعمال الصالحات لعلكم ترحمون وأدوا هذا الحق لجيرانكم ولإخوتكم المسلمين اللهم وفقنا لطاعتك واجعلنا من أهل مرضاتك والفائزين بجنتك ورضوانك. .[/size] [/size] | |
|